نواكشوط

مقابلات بونه ولد اميده: في موريتاني يُنظر إلى المسرحيين كممارسي " بدعة ثقافية "

"التحدي الرئيسي أمام تطور المسرح في موريتانيا يكمن في النظرة السلبية التي يحملها المجتمع تجاهه. وعلى الرغم من أنه كان لفترة طويلة فناً مجهولاً، إلا أن المسرح اليوم أصبح يحظى بالاعتراف. ومن الضروري أن تقدم الدولة الدعم لهذا الفن من أجل تغيير هذه النظرة"٬ المسرحي الموريتاني بونه ولد اميده في مقابلة مع "موريتانيا الثقافية".

Image الممثل المسرحي بون ولد آميده، خلال مقابلة مع موريتانيا الثقافية | نواكشوط، 30 أبريل 2025
  • تاريخ النشر 7 يوليو 2025 | 09:16
    تحديث 27 يوليو 2025 | 12:27
  • مشاركة
    1390 قراءة

    ما هو مشواركم المهني؟

     

    بونه اميده: تعلمت مهنة التمثيل على خشبة المسرح، ثم انتقلت لتقديم أعمال سينمائية وتلفزيونية. كما زاوجت بين مهنتي التمثيل والصحافة، حيث مارست الصحافة المرئية والمكتوبة والمسموعة والإلكترونية.

     

    موريتانيا الثقافية: كيف تقيمون المسرح الموريتاني؟

     

    بونه اميده: عندما نتحدث عن مسرحية معينة، يفترض أن يكون هناك عدد كبير من المختصين. لكن الواقع في موريتانيا عكس ذلك، حيث أن أغلب الممارسين لفن المسرح هم هواة. فلا أعتقد أنه يمكننا الحديث عن “مسرح موريتاني” بالمعنى الكامل. هناك محاولات ومختصون يعدون على الأصابع. لذا، لنسمِّه “التجربة المسرحية الموريتانية” بدلاً من “المسرح الموريتاني”. وهي تجربة قدمت عبر التاريخ أعمالًا محترمة بفضل هؤلاء المختصين القليلين، ويمكن التأسيس عليها لبناء مسرح موريتاني حقيقي

     

    موريتانيا الثقافية: ما هي المواضيع الرئيسية للمسرح الموريتاني؟ أي شخصية تفضلون تمثيلها عادة؟

     

    بونه اميده: المسرح الموريتاني يعالج كافة المواضيع، ولا توجد محاذير إلا ما يتعلق بشرع الله. فأي عمل يصادم شرع الله لا أعتبره فناً، وأرفض قطعياً ممارسة ما يخالف شرع الله وأقف ضده.  فلا أعتقد أن الفن المحترم يمكن أن يقدم صورة غير مرضية شرعًا. أما شخصيًا أميل إلى تقديم الشخصيات الجادة مثل شخصية الشرطي الصارم، لكنني أقدم أيضًا جميع الشخصيات.

     

    موريتانيا الثقافية: كيف يجمع المسرح بين نقد عيوب المجتمع وتقديم الترفيه له؟

     

    بونه اميده: الفنان الحقيقي هو الذي يستطيع نقل مشاكل وآهات مجتمعه بصورة حقيقية دون “رتوشات” التجميل. ودور الفن هو الجمع بين الترفيه والمعالجة المهنية والموضوعية للقضايا. للأسف، يميل الكثير من المقدمين اليوم إلى الإفراط في الترفيه على حساب المعالجة الفنية. كلما اقترب الفن من الترفيه وابتعد عن المهنية، كلما كان من النوع الذي نسميه بالفن المبتذل. أما الفن الذي يعالج القضايا الاجتماعية بصدق وموضوعية، فهو الفن بمعناه العلمي. ويجب على الفنان أن يقف دائمًا إلى جانب الشعب ويقدم الصورة الحقيقية.

     

    موريتانيا الثقافية: هل المسرح يعكس التنوع الثقافي للمجتمع الموريتاني؟

     

    بونه اميده: عند اختيار الشخصيات المشاركة في أعمالنا الفنية، نركز على الطابع المهني والموضوعي والكفاءة. الفن الذي يعتمد على الكفاءة ستكون انعكاساته إيجابية، أما الفن الذي يعتمد على المحسوبيات أو يقدم طرحًا غير موضوعي، فلا أعتبره فناً. قد نتفق على تسميته بـ”الفن المشاغب”، ولا يجب أن يكون الفن مشاغبًا

     

    موريتانيا الثقافية: نادرًا ما نشاهد المسرح في الفعاليات الثقافية العادية مثل المسارح والأحياء والمهرجانات. كيف تفسرون ذلك؟

     

    بونه اميده: العرض المسرحي يحتاج إلى بيئة معينة وتجهيزات فنية قد لا تكون مطلوبة في الفن الموسيقي أو الشعر، لذلك يبتعد منظمو الفعاليات الثقافية عن المسرح. كما أن التجارب التي تُعرض لم تصل بعد إلى مرحلة النضج التي تجعل المنظمين يضعون المسرح ضمن فعالياتهم

     


    الممثل المسرحي خلال مقابلة مع موريتانيا الثقافية | نواكشوط، 30 أبريل 2025"


    موريتانيا الثقافية: هل يمكنكم الاعتماد على المسرح كمصدر رزق؟

     

    بونه اميده: إذا اعتمدنا على قاعدة “الكذاب ليس منا”، فلا أحد من المشتغلين بفن التمثيل في موريتانيا يمكنه الاعتماد على المخصصات المالية من هذا الفن كمصدر رزق ثابت. لا يمكننا توفير حاجاتنا المالية من المسرح فقط، بل نحتاج إلى الوصول إلى مرحلة معينة من الاحترافية.

     

    موريتانيا الثقافية: هل الدولة الموريتانية تدعم المسرح مادياً وفنياً؟

     

    بونه اميده: هناك بعض المساعدات المالية من وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، وقد لا أكون أنا وفريقي العمل من أكثر الفنانين استفادة منها٬ لكن للأمانة في بعض الأحيان نحصل على الدعم. نشارك في بعض المناسبات، في مهرجانات ونحصل على مخصصات مالية، لكن هذا الدعم لا يكفي لضمان بيئة فنية محترمة. وكلما تراجع الدعم، كلما تراجعت المعايير الفنية والعلمية التي نقدمها. فالإنتاج المسرحي المحترم يعتمد على المال، وكلما توافر المال، كان الإنتاج على مستوى عالٍ.

     

    موريتانيا الثقافية: ما هي نظرة المجتمع الموريتاني تجاه المسرح؟

     

    بونه اميده: لعل السبب الرئيسي في عدم تطور المسرح في موريتانيا هو نظرة المجتمع. فالمجتمع الموريتاني ينظر إلى فناني التمثيل على أنهم يمارسون بدعة ثقافية لا تعرفها الآباء والأجداد، ولا وجود لها في تراثنا. هذه النظرة منعت أجيالًا من الشباب الموريتانيين من التوجه إلى هذا الفن. كما أن هذه النظرة هي من أسباب عدم تشجيع الدولة على إنشاء معاهد وطنية للتكوين في مجالات المهن الثقافية والتمثيل والمسرح. فعلى الرغم من أن المسرح يمثل فناً جديداً بالنسبة للموريتانيين، إلا أنه لا يمثل ردة ثقافية أو كفراً ثقافياً. إنه ببساطة فن يمارسه جيل جديد، والإنسان دائمًا ابن بيئته وزمانه. في الماضي لم يكن المسرح معروفًا لدينا، لكنه أصبح اليوم فناً معروفًا. ومن حقنا كشباب أن نجد من الدولة الدعم والمؤازرة حتى يتأسس هذا المسرح٬ وحتى ينقلب سحر النظرة المجتمعية على المجتمع الموريتاني.

     

    موريتانيا الثقافية: هل يمكن أن يساهم المسرح في تغيير العقليات بشكل إيجابي؟



     

    بونه اميده: دور الفن هو تغيير السلوكيات التي يصعب الحديث عنها في الواقع أو في الصحافة. عندما نرى حجم المتابعة للأعمال التي نقدمها، نلاحظ أن قدرة الفن على تغيير العقليات كبيرة. لذلك، إذا أرادت الدولة والمجتمع الموريتاني تغيير العقليات والمسلكيات، فعليهم أن يمرروا ذلك من خلال فن التمثيل عبر الأعمال المسرحية أو السينمائية أو التلفزيونية.

     

    موريتانيا الثقافية: هل يمكن للمسرح إحياء التراث الثقافي الوطني؟

     

    بونه اميده: إن الدعامات الحقيقية للتنمية تمر عبر الفنون، وما اندثر من تاريخ الشعب الموريتاني لا يمكن العودة إليه أو الحديث عنه إلا من خلال هذا الفن. العودة بموريتانيا إلى سيرتها الأولى، إلى ماضيها الزاخر بالقيم الجمالية، لا يمكن أن يتم إلا عبر فن المسرح. هذه دعوة للجهات المعنية للاستثمار في الطاقات الشبابية في مجال المسرح، لتقديم هذا الفلكلور والتراث والقيم الجمالية عبر عروض مسرحية أو أعمال تلفزيونية وسينمائية تعرف شبابنا على تراثنا الزاخر بمفردات الجمال.

     

    موريتانيا الثقافية: لماذا يكاد المسرح الموريتاني مختصراً على التلفزيون؟

     

    بونه اميده: المسرح يتطلب وجود ثلاثية أساسية: الخشبة، الممثل، والمسرح. ما يُعرض على التلفزيون ليس مسرحًا، بل أعمال تلفزيونية. لكن بسبب قلة الخبرة ونقص الوعي، خلط البعض بين المفاهيم، وظنوا أن ما يُعرض على التلفزيون هو مسرح، بينما هو فن تلفزيوني له ضوابطه الخاصة، كما أن للمسرح معاييره الفنية. ومع مرور الوقت، أعتقد أن هذا اللبس سيزول. وعلى العموم الممثلون القادمون من المسرح أقوى بكثير من ممثلي التلفزيون أو السينما. في المسرح نتعامل مع البشر دون حواجز، فالعمل في المسرح إما أن يكون مقنعًا، وإما أن يظل الممثل فاشلاً!

     

    موريتانيا الثقافية: ما هي استراتيجيتكم للتكيف مع غزو تقنيات المعلومات والاتصال لكل المجالات الاجتماعية والثقافية؟

     

    بونه اميده: حين ظهر التلفزيون، اعتقد البعض أن المسرح سينقرض، ولكن مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح أي شخص قادرًا على إنتاج محتوى فني قريب مما نقدمه في المسرح والتلفزيون والسينما. اليوم يمكننا الوصول إلى الجمهور مباشرة عبر الهاتف دون الحاجة إلى المرور عبر التلفزيون أو الوسائط الرسمية. أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت في صالحنا، مكنت من تقديم محتوى فني جديد ومتاح للجميع



    تابعوا فيديو المقابل عبر قناتنا على اليوتيب C'MRTV

     

  • محرر . profile-pic
  • حول نفس الموضوع

    تعليقات